نحتاج لتعريف معنى كلمة (هياط), هي كلمة متداولة في السعودية و معناها في اللغة (الصياح و الجلبة) و أما المعنى الدلالي المستخدم في لغة الشارع (التباهي أو الاستعراض) أو (التباهي بشدة بدون أساس) , مثلا لو قام شخص بالتباهي بحصوله على درجة الدكتوراة من جامعة (كامبريدج) وهو فعلا من عمل عليها و تعب فهنا يحق له التباهي بها , أما إن كانت الجامعة غير معروفة أو الكل يعلم بأنه حصل عليها بغير مجهود و قام بالتنظير على الناس و التباهي بمجال شهادته فيمكن تسميته (مهايطي) , وكذلك الحال من قام بالاستعراض بمعرفته لمهارة محددة مثلا من (يهايط) بين أصدقائه بأنه يستطيع عمل أفضل لحم مشوي و عندما حان وقت الرحلة و إسند اليه واجب الشواء تجده قد أحرق اللحم و تعشوا أصحابه -صامولي مع جبن كاسات – و كذلك الحال راجع صورة المقال لتتصور أكثر معنى الهياط
و ما دخل ذلك في ريادة الأعمال؟
في نهايات العام (2013) و حتى نهاية العام (2014) سمعت هذه الكلمة كثيرا في أوساط عالم ريادة الأعمال , فالمستثمرين و أصحاب رؤوس الأموال يصفون رواد الأعمال (بالمهايطيه) و رواد الأعمال يصفون المستثمرين (بالمهايطيه) بل أن الجهات التي من شأنها أن تنظم و تعرف الناس بهذا العالم تجدها تصف كل من المستثمرين و رواد الأعمال (بالمهايطيه) و بطبيعة الحال يصف كل من المستثمرين و رواد الأعمال هذه الجهات (بالمهايطيه) , و لعل الجميع يصف البيئة و المجتمع (بالمهايطي) لعدم دعمه للمبادرات و الأفكار المحلية
هل دخت؟ نعم هي حلقة متكاملة الكل يصف الكل (بالمهايطي) و هناك أسباب كثيرة تبرر صحة ذلك من وجهة نظر كل طرف وهنا أود أن أعرض بعضها على عجل لمعرفة العلاقة بين الأطراف ( مستثمرين – رواد أعمال – مجتمع – جهات منظمة – إعلام):
أولا: التوقعات , الكل لديه توقعات مسبقة من الأطراف الأخرى و يفاجىء بعدم توفرها وبهذا تجده يصطدم بالواقع فيخيب أمله , مثلا رواد الأعمال يتوقعون من الجهات أن توفر لهم كل شيء و أن تقف بصفهم لمجرد لديهم فكرة عبقرية , بل أن على المستثمرين أن يدعموهم بشكل مفتوح بدون حساب لكل أفكارهم , و على أهاليهم و أقاربهم أن يدعموهم بقرارتهم, و المستثمرين يتوقعون أنهم بمجرد أن يعرضوا بضع ألاف من أموالهم فيجب أن يتملكوا رائد الأعمال أو تقدم لهم الجهات المنظمة ميزات إضافية , وهذه الجهات تعتقد بأنها بمجرد توفير مقر أو دعمها لمؤتمر فإنها ستغير واقع الحال و سيشكرها الجميع
ثانيا: التقصير و حداثة المفهوم , هل كل الأطراف مقصرة؟ نعم , إن كان الجميع يعرف بأن الجميع مقصر فلما لا يمكن حل الموضوع, السبب ببساطة بأن مفهوم ريادة الأعمال مفهوم جديد لايتعدى عمره بضع سنوات في مجتمع مازال يعتقد بأن الوظيفة الحكومية هي كل شيء مهما كان راتبها متواضعا , و المستثمر يعتقد بأن (60) ألف ريال بإمكانها أن تفتح مشروعا رياديا كما فعل أسلافه بالسابق عندما فتحوا (مغسلة ملابس أو بقالة أو حلاق) و رائد أعمال يسمع عن استحواذات بمليارات الدولارات لشركات لم يتعدى عمرها السنة الواحدة و تحتوي عشر مبرمجين فقط و جهات منظمة مازالت تعيش في عصر البيروقراطية و تتصادم مع التنظيمات التي تجبرها أن تبقى مكتوفة الأيدي
ثالثا: الإعلام, هناك واجب كبير على الإعلام في إبراز كل التجارب الناجحة و نشر ثقافة ريادة الأعمال بل ويجب أن يكون طرفا خامسا في هذه المعادلة و لكن بما أن الإعلام السائد و التقليدي هزيل و الإعلام الجديد أصبح أكثر تأثيرا فلربما لم يرى البعض أهميته , ولكن هذا الطرف مازال لديه قوة تأثيريه على شرائح في المجتمع غير متواجدة في الإعلام الجديد و لربما هو الجيل السابق و الذي بيده صناعة القرار و البدء في تقبل التغيير وعدم مقاومته , ولذا فإنه من الواجب على الإعلام الإلتفات بشكل صحيح وغير مكرر و بشكل ذكي ليكون طرفا في هذه المعادلة
رابعا: الشهرة و التقديس , هذه النقطة تعتمد بشكل كبير على النقطة السابقة ألا وهي أن المجتمع و بشكل تلقائي يبدأ في تقديس كل مشهور و أقصد في التقديس هنا هو أن هذا الشخص المشهور و عندما يتم المبالغة في عرضه يصبح أمام الناس بأنه الشخص الذي لا يخطىء و عليه أن يعرف كل شيء عن كل شيء , و في أول غلطة يخيب أمال الناس و تصبح هناك ردة فعل مبالغه ضده و ضد كل مبادئه و مفاهيمه , فالمجتمع بالغ في التقبل و ردة الفعل لأن الإعلام بالغ في العرض , و الضحية الجميع
لذا وبالمحصلة فإن حداثة مفهوم ريادة الأعمال و استعجال الجميع للحصول على نتيجة و قلة النماذج الناجحة و تصادم الجميع في هذا الوقت طبيعي حتى يصبح هناك نضوج لدى كل الآطراف ,و لكن ماهو ليس بطبيعي هو استسلام الجميع , فلقد سمعنا أسفا عن اغلاق شركة كبيرة كانت تستثمر بعدد كبير من الشركات الناشئة , و سمعنا عن بضعة مشاريع ريادية توقفت و تحول أصحابها إلى موظفين و شاهدت مستثمرين خرجوا للبحث عن فرص بالخارج و عندما قابلت أحدهم في أحد المؤتمرات خارج المملكة وقلت له لماذا تبحث في الخارج و لديك الكثير في الداخل قال لي (أنتم يالشباب السعودي مهايطي) : ), و شاهدنا جهات منظمة أصبح كل همها المشاركة الخارجية في المؤتمرات المتخصصة في هذا المجال وهذا بالتأكيد أثر على تواجدهم في الداخل و أصبح كل همهم ماهي الهدايا التي ستوزع كجوائز لزوار المعرض , و الإعلامي الكسول الذي لا يود أن يتعب نفسه في البحث عن نماذج جديدة يعود و يكرر عرض نفس النماذج بغلاف جديد الكل بدء يشعر بالاستياء منه عندما يقرأ تاريخ الصلاحية عليه
هل الهياط صحي؟
مثال نشاهده دائما و هو هياط الجيش الأمريكي منذ الحرب العالمية عندما قام بعرض إعلانات التجنيد و خلق إسطورة الجندي الذي لا يقهر و مازالت مستمرة حتى الأن عبر أفلام هليود كون أمريكا هي المخلص من كل الكوارث الطبيعية و الكونية و التي تقف بالمرصاد لكل التهديدات حتى غزو الكائنات الفضائية للأرض, و اسطورة الجندي الآمريكي الذي يملك رخصة لقيادة أي ألة في أي مكان و يستطيع استعمال أي سلاح و يجيد كل فنون القتال ,, فهل نفع كل هذا؟ توقف قليلا و فكر ماهو انطباعك الداخلي الصادق عن أمريكا و الجيش الأمريكي؟
هل الهياط صحي؟ نعم هو صحي و ضروري و لكن بشكل متوازن و مدروس من قبل الجميع وذلك لوقت محدود حتى يصبح هناك ثقافة عامة و بيئة متقبلة و أكثر نضوجا وعندها حتى لو كان هناك (هياط) فسيتم كشفه مباشرة و عدم التأثر فيه لان الجميع متفهم
في النهاية أتمنى أن يخفف الناس من وصف بعضهم (بالمهايطيه) بما أننا كلنا كذلك , و من جهة أخرى أن يترك الجميع أعمالهم تتحدث عنهم و على الجميع واجب نشر مفهوم الريادة في بيئته المحيطة
لسلام عليكم ورحمة الله
أستمتعت بقراءة المقال ..
ودارت في رأسي أثناء القراءة أنواع من “الهياطات” التي مررت بها ..
من الأمور التي صدمت بها حقيقة .. وواجهتها أكثر من مرة
هياط الشباب الذين يريدون ان يكونوا رواد اعمال ..
يريد أن يكون رائد اعمال بدون ان يتنازل عن دقيقة واحدة من وقته الذي يقضيه في القهاوي والخرجات والدخلات والجمعات مع الاصدقاء بدون فائدة .. او الترفيه المفرط بالألعاب والافلام وغيرها ..
انا لا اقصد عدم الترفيه او القيام بنشاطات اجتماعية ..
لكن عدم الاداراك ان لدى كل واحد منا 24 ساعة في اليوم .. وأن عليه ان يخصص وقتا كافيا لمشروعه .. فهذا من اكبر هياط رواد الأعمال ^_^
وخاصة من هو موظف ومتزوج ويريد ان يتحول الى رائد اعمال .. فهذا بالنسبة له العملية اصعب !!
8 ساعات نوم واكل وراحة – 8 ساعات دوام وظيفي – 8 الاهل او المشروع او الاصدقاء او او او ..
انا لست مستثمر أو جهة داعمة .. بل أنا شخص اطمح وفي طريقي لكي اكون رائد أعمال ..
وكلامي السابق نابع مما لمسته من كثير من زملائي الذين يطمحون لكي يكونوا رواد اعمال ..
أحب ان اشكرك مرة اخرى على هذا المقال الرائع ..
فيصل حاتم – شركة تنصيص
كلامك في الصميم
وقد شخصت المشكله اخي محمد بدقه كبيره
وهذا الامر الهياط ينطبق على جميع البلدان العربيه
قد يكون مفهوم ريادة الاعمال لدى دول الخليج اكثر تقدما منه في دول اخرى
وعليه يجب ان يكون الهياط اقل انتشارا واقرب للواقعيه
نسال الله ان يتبدل الحال باسرع وقت حتى لا نبقى خارج الركب
ودمتم سالمين
السلام عليكم ورحمة الله
مقال رائع … الهياط او حب الظهور تفشى في السنوات الأخيرة خاصة في المؤتمرات
الهياط ليس صفة مذمومة الى لو كان في امر باطل او غير صحيح
احد اهم اركان العمل التجاري الناجح هو الدعاية و الاعلان۔ انت تشاهد شركات تعمل حفلات كبيرة فقط لتوقيع عقد او اطلاق منتج واحد جديد و هو تصرف صحيح و منطقي في عالم الاعمال۔
تحياتي
مقالة ذكية ومعبرة ، للأسف لم يصل الدعم إلى الأشخاص الذين لديهم مشاريع حقيقة وأفكار واعدة . وكان واضحا للجميع أن ريادة الأعمال كانت مجرد موضة عابرة ، االبحث عن الشهرة والفلاشات
جذب إليها المتخصصين في فنون الهياط
كنت نشرت تدوينة حول أوهام شائعة عن ريادة الأعمال في السعودية على الرابط التالي
https://jeddawista.wordpress.com
أشكرك استمتعت بقراءة المقال
رواد الأعمال كثر وهناك الكثير ممن لديه افكار جميلة لكن أرى انه من الواجب على كل شخص يريد أن ينجح أن يثقف نفسه جيدا ويقرا عن ادارة الأعمال و المشاريع و الا يعتمد كثيرا على غيره
لست برائد أعمال ولكن من وجهة نظري هذه الشروط اساسية ويجب ان تتوفر عند رائد الاعمال ان اراد النجاح
استاذ محمد انا طالب هندسه حاسبات ولا افهم فيها الا القليل لاتسال عن السبب اريدك ان توجهني على خطوات امشي عليها لتنفعني عندما اصبح مهندس مستقبلا وتطبيقات الايفون والاندرويد كيف ابدا بتصميمها
دمت بود
اسم قريتنا هو الهياطة هههه
السلام عليكم
اشكرك على موضوع الرائع ، من وجهة نظري ان بعض المستثمرين او ريادي الاعمال او من يرغب في الدخول لهذا المجال تنقصه الناحية المالية ، وتحدث الی اشخاص منهم من لديه افكار جديدة كليا لكن لم يجد ممول او لم يرغب في ان يموله احد
فمختصر مااردت أن اوصله ، ان الهياط شي مذموم لو كان في الهواء دون تطبيق ، أما لو كان هذا الهياط مصحوب بصدق وتنفيذ فهذا يسمی هياط محمود ان صح التعبير
بالتوفيق للجميع
كم أكره هذه الكلمة ( هـ ي ط )
لكن الحقيقة أن المقال وضع اليد على الألم كما يقال ,, أعتقد أن المبتلى بهذه الآفه هم بعض رواد الأعمال الذين وفقوا ولو جزئيا في مشاريع وتم تلميعهم إعلامياً ربما بحسن نية ليقتدى بهم , لكن المبالغة من الإعلاميين و تكرار استضافتهم في الكثير من المؤتمرات والملتقيات لعدم وجود الكثيرين منهم ,, جعلهم يلبسون الطاقية ويصدقون أنهم يستحقون كل هذه الأضواء – شاهدت أمثلة كثيرة منهم عندهم مشاريع عادية –
أما المستثمرين فلا أعتقد أن لهم علاقة بما ذكرت ,, هم أصحاب ثروات – قافلين عليها الصندوق – لأنهم يرون أن استثمار المال في عمارة أفضل من إعطاء تحويشة العمر لشاب متحمس